بحوث قانونية

بحث قانوني حول تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام في القانون الجزائري


بحث قانوني حول تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام في القانون الجزائري

قراءة في المرسوم الرئاسي 15-247 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام في الجزائر

Reading in presidential decree 15-247 included the organization of public contracts and public service delegations in Algeria

د. محفوظ عبد القادر، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة وهران 02، الجزائر.

Dr MAHFOUD Abdelkader, Faculty of Law and Political Science, University of Oran 02, Algeria

Abstract:

The Organization of Public contracts are considered to be one of the most volatile legal texts in repeal and review, thereby the legal texts organizing it have achieved six texts since the independence and are different to each other by their titles and their contents and legal values. What make the Organization of public contracts in Algeria so important is its relationship to the protection of public finances against the corruption in its varieties, and the will to know the updates occurred by the presidential decree N° 15-247 and what distinct it from the other decree’s precedent it.

Keywords: public contracts, presidential decree N° 15-247, presidential decree N° 10-236, Offer request, adjudication, accord, supervision on public contracts.

ملخص:

يعتبر تنظيم الصفقات العمومية في الجزائر من أكثر النصوص القانونية تعديلا وإلغاءً، بحيث بلغت النصوص القانونية المنظمة له منذ الاستقلال ستة نصوص متعاقبة، وتختلف عن بعضها البعض من حيث التسمية، المضمون، والقيمة القانونية، وما يجعل تنظيم الصفقات العمومية في الجزائر ذا أهمية بالغة، هو علاقة الصفقات العمومية بحماية المال العام من الفساد بشتى أنواعه، والرغبة في معرفة المستجدات التي حملها المرسوم الرئاسي الحالي 15-247 وما يميزه عن التنظيمات السابقة له.

كلمات مفتاحية: الصفقات العمومية، المرسوم الرئاسي 15-247، المرسوم الرئاسي 10-236، طلب العروض، المناقصة، التراضي، الرقابة على الصفقات العمومية.

مقدمة

مما لا يختلف عليه اثنان أن من بديهيات القانون الإداري كونه قانونا غير مقنن وسريع التطور والتغيير؛ ولعل هذا ما يفسر كثرة وتشعب النصوص القانونية التي تنضوي تحت لواء القانون الإداري، وكثرة تعديلها وتغييرها بما يتماشى مع المستجدات والمتغيرات في شتى المجالات.

وإذا كان من الخصائص العامة للقانون الإداري أيضا أنه قانون التوفيق والتوازن بين المصالح العامة والمصالح الخاصة، فنجد أن أكثر نصوصه تعديلا وتغييرا هي تلك النصوص المتعلقة بالمجالات المالية للإدارات العمومية، كونها تتأثر بالتحولات المستمرة التي تعرفها الساحة المالية للدولة، ونظرا لدورها الحساس في تحقيق التنمية الاقتصادية والمالية من جهة، وفي حماية المال العام وترشيد استغلاله من جهة أخرى؛ وقد يكون خير مثال على هذه الطائفة الأخيرة، هو “قانون ” الصفقات العمومية في الجزائر؛ والذي لا يتوانى أبدا عن التغير والتطور كلما استدعت ضرورات حماية المال العام ذلك.

إلا أن ما يلفت الانتباه وبشكل جدي في الجزائر هو كثرة التعديلات والتتميمات التي تطرأ على النصوص القانونية المنظمة للصفقات العمومية من جهة، بل وكثرة إلغائها واستبدالها بنصوص قانونية جديدة من جهة أخرى؛ فالمتتبع لهذه النصوص سوف يلحظ أن تنظيم الصفقات العمومية في الجزائر تم بعد الاستقلال بموجب ستة نصوص قانونية، وهي كلها نصوص مختلفة عن بعضها البعض سواء من حيث المضمون أم من حيث القيمة في الهرم التشريعي، وهذا ما يدفعنا للتساؤل عن: ما هي أهم أسباب كثرة تعديل وإلغاء هذه النصوص؟ وما الفوارق الجوهرية بين تنظيم الصفقات العمومية الحالي ونظيره السابق رقم 10-236؟ وهي كلها تساؤلات ترتبط بإشكال آخر جوهري هو: ما هي أهم المميزات والمستجدات في هذا التنظيم الجديد للصفقات العمومية؟

وقبل بداية هذه المساهمة البحثية المتواضعة، لا بد من الإقرار بأن البحث عن أهم المميزات التي خصت النصوص القانونية المنظمة للصفقات العمومية بالجزائر، وإجراء توليفة ومقاربة بينها، يعتبر من أعقد بل ومن أصعب المجالات البحثية ، كون أن الباحث في مجال الصفقات العمومية بالجزائر يجد نفسه أمام مجموعة من النصوص القانونية مختلفة المصدر ومتباينة المضمون، ومتشعبة الميادين، وتكثر المراسيم التنفيذية والمناشير الوزارية والتعليمات الإدارية الخاصة بها، كما أنها تحتوي على بعض التناقضات والتساؤلات من الناحيتين العملية والقانونية، وكذا من زاوية القانون الدستوري وقانون العقود الإدارية.

ويكتسي موضوع تنظيم الصفقات العمومية في الجزائر أهمية بالغة، نظرا لعلاقة الصفقات العمومية بحماية المال العام من الفساد بشتى أنواعه، لا سيما جرائم الرشوة، وسوء استغلال الوظيفة، ومنح امتيازات غير مبررة، … وهي كلها جرائم لا تتم إلا من خلال التلاعب والتحايل على تنظيم الصفقات العمومية وتجاوز أحكامه.

وتزداد هذه الأهمية إذا ما علمنا أن جل جرائم الفساد التي يفصل فيها القضاء في الوقت الراهن هي جرائم متعلقة بصفقات عمومية مشبوهة.

على كل حال ولوضع قراءة لأهم أحكام تنظيم الصفقات العمومية الحالي، لا بد من اتباع المنهج التحليلي لاكتشاف الأحكام المستجدة ضمن المرسوم الرئاسي 15-247، والمنهج التاريخي المقارن لمقارنته مع المرسوم الرئاسي 10-236 المعدل والمتمم، ومع بعض النصوص القانونية ذات صلة. كل ذلك ضمن المحاور الأساسية الآتية:

البحث عن أسباب كثرة تعديل وإلغاء النصوص القانونية المنظمة للصفقات العمومية بالجزائر.
مقارنة بين المرسوم الرئاسي الجديد رقم 15-247 وبين نظيره السابق الملغى رقم 10-236، مع عرض اهم مميزات ومستجدات المرسوم الرئاسي الجديد.
المبحث الأول: ميدان الصفقات العمومية في الجزائر منذ 1967 إلى 2015 بين التشريع والتنظيم

لا بد للإلمام بالنظام القانوني للصفقات العمومية بالجزائر، ولفهم التنظيم الحالي للصفقات العمومية، من التعريج –ولو باختصار-على أهم الأسباب والدوافع المؤدية لكثرة تعديل وإلغاء النصوص القانونية المنظمة له.

فلقد تم تنظيم الصفقات العمومية بالجزائر بنصوص قانونية مختلفة، تعددت وتباينت سواء من حيث مضمونها وأحكامها، أم من حيث طبيعتها وشكلها. وهذه النصوص هي:

وذلك على النحو الآتي:

الأمر 67-90 المؤرخ في 17 جوان 1967[1]، يتضمن قانون الصفقات العمومية، المعدل والمتمم[2].
المرسوم 82-145 المؤرخ في 10 أفريل 1982[3]، ينظم الصفقات التي يبرمها المتعامل العمومي، المعدل والمتمم[4].
المرسوم التنفيذي 91-434 المؤرخ في 09/11/1991[5]، يتضمن تنظيم الصفقات العمومية، المعدل والمتمم[6].
المرسوم الرئاسي 02-250 المؤرخ في 24/07/2002[7]، يتضمن تنظيم الصفقات العمومية، المعدل والمتمم[8].
المرسوم الرئاسي 10-236 المؤرخ في 07/10/2010[9]، يتضمن تنظيم الصفقات العمومية، المعدل والمتمم[10].
وآخِر نص هو المرسوم الرئاسي 15-247 المؤرخ في 16/09/2015[11]، يتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام، وهو الساري المفعول حاليا.
وهذا السرد التاريخي للنصوص المنظمة للصفقات العمومية في الجزائر، يثير التساؤل عن الجهة المختصة دستوريا بتنظيم الصفقات العمومية (المطلب الأول) وعن أسباب كثرة التعديل على هذه النصوص (المطلب الثاني).

المطلب الأول: الاختصاص الدستوري بتنظيم الصفقات العمومية بالجزائر

لا بد من تحديد الجهة المخولة دستوريا بتنظيم الصفقات العمومية بالجزائر، أهي السلطة التشريعية بموجب قوانين، أم السلطة التنفيذية بموجب اللوائح التنظيمية؛ وذلك بعدما اتضح لنا أن الصفقات العمومية كانت محل تنظيم بموجب أمر يحمل مرتبة التشريع العادي، ثم تم تنظيمها بموجب مرسوم، ثم مرسوم تنفيذي، ليستقر الوضع على تنظيمها بموجب مراسيم رئاسية منذ سنة 2002.

وبالرجوع لأحكام الدستور الجزائري، نجد أنه حصر ميادين البرلمان في التشريع، وترك كل ما دون ذلك للاختصاص التنظيمي لرئيس الجمهورية بموجب مراسيم رئاسية. مما يجعل تنظيم الصفقات العمومية بموجب مراسيم رئاسية حاليا من اختصاص رئيس الجمهورية كونه لا يندرج ضمن الميادين المحددة للتشريع بقوانين؛ ولو أن الغاء الأمر 67-90 بموجب مرسوم رقم 82-145 يعتبر غير دستوري وفيه تعدي من نص أدنى على نص أسمي، وهو نفسه الوضع بالنسبة لإلغاء المرسوم رقم 82-145 الموقع من طرف رئيس الجمهورية بموجب مرسوم تنفيذي اقل رتبة منه.

المطلب الثاني: أسباب التعديل المتعدد لتنظيمات الصفقات العمومية

من أسباب كثرة التعديلات الواردة على مختلف النصوص القانونية المنظمة للصفقات العمومية نذكر:

1* السعي الدائم للتخفيف من حدة البيروقراطية التي تعرفها إجراءات عملية إبرام الصفقات العمومية، ومحاولة التقليل من الإجراءات لربح الوقت.

2* محاولة هيكلة عمليات الرقابة على ابرام الصفقات العمومية بشكل يتيح دائما فرض أنجع وأوسع رقابة على كل مجالات إنفاق المال العام للدولة.

3* السعي لجعل الصفقة العمومية من أنجع أدوات تنفيذ مخططات التنمية ومشاريع الاستثمار على الصعيدين المركزي والمحلي.

4* باعتبار الصفقة العمومية عقدا إداريا، يخضع لقواعد قانونية استثنائية وغير مألوفة في القانون الخاص، ونظرا لانتهاج الجزائر للازدواجية القضائية[12]، كان لزاما على النصوص القانونية المنظمة للصفقات العمومية مواكبة المستجدات التي يعرفها القانون الإداري والقضاء الإداري بالجزائر، نذكر على سبيل المثال:

*القانون 88-01 المؤرخ في 12/01/1988، المتعلق بالقانون التوجيهي للمؤسسات العمومية الإقتصادية[13].

*التعديل الدستوري لسنة [14]1996.

*القانون العضوي 98-01، المؤرخ في 30/05/1998، المتعلق باختصاصات وتنظيم وعمل مجلس الدولة[15].

*القانون 98-02، مؤرخ في 30/05/1998، يتعلق بالمحاكم الإدارية[16].

*الأمر 01-04 المؤرخ في 20/08/2001، يتعلق بتنظيم المؤسسات العمومية الاقتصادية وتسييرها وخوصصتها[17].

*القانون 08-09 المؤرخ في 25/02/2008، المتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية[18].

5* كما يوجد أحد الأسباب التي ساهمت كثيرا في صدور التنظيم الحالي للصفقات العمومية، وهي سعي المشرع الفرعي (المُنَظِّم) إلى مواكبة التطورات الاقتصادية والقانونية الحاصلة، في إطار السياسة الاقتصادية للدولة الرامية إلى التنازل عن تسيير بعض المرافق العامة لصالح القطاع الخاص تحت الرقابة؛ مما يسمح لنا بالقول أن الأنماط الحديثة التي ظهرت على الصعيد المقارن في مجال تسيير وإدارة المرافق العامة، قد وجدت لها تأثيرا على تنظيم الصفقات العمومية في الجزائر.

6* السعي لبسط الرقابة على المال العام أينما وجد، فمن أكثر المواد القانونية التي تكون عرضة للتعديل والتتميم هي تلك المحددة للمصلحة المتعاقدة في الصفقات العمومية، وكأن المشرع يريد دوما توسيع نطاق تنظيم الصفقات العمومية ليشمل مختلف المرافق العمومية وليس فقط تلك المرافق الإدارية التقليدية.

7* من أسباب كثرة التعديل كذلك، رغبة المشرع في تحيين الحد المالي المحدد للخضوع لقانون الصفقات العمومية، تأثرا بالتضخم المالي وتغير قيمة الدينار الجزائري.

المبحث الثاني

أهم الأحكام المستجدة بموجب المرسوم الرئاسي الجديد 15-247 مقارنةً مع نظيره المُلغَى رقم 10-236

يتم من خلال هذا المحور اجراء مقارنة بين المرسومين الرئاسيين المنظمين للصفقات العمومية الحالي والملغى، بغية التعرف على الأحكام القانونية التي استحدثها تنظيم الصفقات العمومية الحالي، وذلك من خلال الزوايا الآتية:

المطلب الأول: مقاربة قانونية بين المرسوم الرئاسي 15-247 والمرسوم الرئاسي 10-236

سوف نحاول من خلال هذا المطلب ابراز أهم الاحكام القانونية المستحدثة وفق المرسوم الرئاسي 15-247 والتي تميزه عن المرسوم الرئاسي 10-236 من خلال الزوايا الآتية:

أولا: من حيث مجال التنظيم

مما لا شك فيه أن المرسوم الرئاسي الحالي يختلف عن نظيره الملغى من حيث مجال موضوعاته، ففي حين يقتصر المرسوم الرئاسي 10-236 على تنظيم الصفقات العمومية فقط، يضيف المرسوم الرئاسي 15-247 إلى هذا الموضوع تنظيم تفويضات المرفق العام كذلك.

ثانيا: من حيث تعريف الصفقات العمومية

كل النصوص القانونية المنظمة للصفقات العمومية في الجزائر على اختلافها، عرفت الصفقات العمومية بنفس التعريف، مع اختلاف طفيف في الصياغة، وكلها اتجهت للقول أن الصفقات العمومية هي “عقود مكتوبة تبرم حسب تنظيم الصفقات لإنجاز الاشغال واقتناء اللوازم والخدمات والدراسات”.

والمرسوم الرئاسي 15-247 عرفها هو الآخر بنفس التعريف لكن مع إضافة عبارات مستحدثة لم تعرف في أي نص قانوني سابق، بحيث عرفت م2 منه الصفقات العمومية على أنها: “عقود مكتوبة في مفهوم التشريع المعمول به، تبرم بمقابل مع متعاملين اقتصاديين، وفق الشروط المنصوص عليها في هذا المرسوم، لتلبية حاجيات المصلحة المتعاقدة في مجال الأشغال واللوازم والخدمات والدراسات”.

والمستجد من خلال هذا التعريف هو ما يلي:

1* إضافة عبارة “تبرم بمقابل“، وهذا تمييزا للصفقة العمومية عن عقود التبرع، كالهبات والوصايا التي ترد إلى الإدارات العمومية.

2* إضافة عبارة “مع متعاملين اقتصاديين“، وهي عبارة مستحدثة في تعريف الصفقة العمومية لم يحملها أي تعريف من النصوص القانونية السابقة، وفي ذلك تأكيد منه على عدم ابرام الصفقة العمومية بين إدارتين عموميتين، بل تبرم مع الخواص فقط.

عرفها القضاء كذلك بنفس التعريف تقريبا، بحيث ذهب مجلس الدولة الجزائري في قرار غير منشور له[19] إلى تعريفها بالقول أنها: “عقد يربط الدولة بالخواص حول مقاولة أو انجاز مشروع أو أداء خدمات”.

ونحن نرى أن هذه التعاريف غير كافية ولا تميز الصفقة العمومية عن العقد الإداري[20] وعن العقد الخاص للإدارة العامة إن وجد في العمل القضائي الجزائري. ونقترح أن الصفقة العمومية هي عقد من عقود القانون العام الذي يبرم وفق إجراءات خاصة وبمبلغ مالي محدد بين الهيئات العمومية والخواص لتلبية نشاط مرفق عام.

ثالثا: من حيث معايير تحديد الصفقات العمومية

تتمثل معايير تحديد الصفقة العمومية فيما يلي:

1: المعيار العضوي

المصلحة المتعاقدة لا تكون إلا شخصا معنويا عاما، وهو الدولة، الولاية، البلدية، المؤسسة العمومية ذات الطابع الإداري، المؤسسة العمومية الخاضعة للتشريع التجاري.

وما يميز المرسوم الرئاسي 15-247 عن المرسوم الرئاسي 10-236 من حيث تحديد المصلحة المتعاقدة؛ هو ما يلي:

*استثنى المرسوم الرئاسي الحالي مجموعة عقود من الخضوع لأحكامه بموجب م7 منه.

*من خلال م6 من المرسوم الرئاسي 15-247 قام المشرع الفرعي ب:

-استبدال عبارة “الإدارات العمومية” التي كان منصوصا عليه في م2 من المرسوم الرئاسي 10-236 بعبارة “الدولة”.

-استبدال عبارتي “الولاية والبلدية” بعبارة “الجماعات الإقليمية”.

-حذف الهيئات الوطنية المستقلة، مراكز البحث والتنمية، المؤسسات ذات الطابع العلمي والتكنولوجي، المؤسسات ذات الطابع التجاري والصناعي، المؤسسات الاقتصادية.

-إضافة المؤسسات الخاضعة للتشريع الذي يحكم النشاط التجاري عندما تكلف بإنجاز عملية ممولة كليا أو جزئيا بمساهمة مؤقتة أو نهائية من الدولة أو الجماعات الإقليمية.

فقد اخضع التنظيم قائمة من المؤسسات الاخرى غير الواردة بالمادة 800 من ق ا م ا، وألزمها بالخضوع لتنظيم الصفقات العمومية إذا ما كان مشروعها ممولا كليا او جزئيا، وبصفة مؤقتة أو نهائية من طرف الدولة. ولعل الهدف من وراء هذا المعيار هو حماية المال العام وتتبعه اينما وجد، من خلال اخضاعه لنظام الصفقات العمومية، والمعروف بأنه أشد صرامة من نظام العقود الادارية، لا سيما وأنه يحظى بحماية جزائية في حالة الاخلال بقواعده[21]. وهي الحماية التي يبتغيها تنظيم الصفقات من خلال هذا المعيار المالي، لبسط الرقابة على الاموال العمومية، وترشيد انفاقها.

وتعتبر عبارة “المؤسسات العمومية الخاضعة للتشريع الذي يحكم النشاط التجاري”، عبارة مستحدثة بموجب المرسوم الرئاسي 15-247، وجاءت لتشمل مجموعة من المؤسسات التي كانت تنص عليها المراسيم السابقة والمنظمة للصفقات العمومية، وكان يتم في كل مرة تعديلها لإضافة مؤسسة جديدة، فجاءت هذه العبارة عام 2015 شاملة لتترك للقاضي الإداري سلطة تقديرية واسعة لتتبع المال العام أينما وجد واخضاعه لتنظيم الصفقات، حتى لا تفلت احدى المؤسسات من الخضوع اليه بحجة أنها غير مذكورة في التعداد الحصري الذي جاء في المراسيم السابقة[22].

-إضافة عبارة “ممولة من الدولة أو الجماعات الإقليمية” في حين كان يقتصر سابقا على التمويل من طرف الدولة فقط.

والمؤسسة العمومية التجارية والصناعية، هي مرفق عام يخضع للقانون الخاص (التجاري)، ويهدف لتحقيق الربح، ويمارس نشاطا يمارسه الخواص كالتجارة والصناعة[23].

وتنص م56 من القانون التوجيهي 88-[24]01 على أن تخضع منازعاتها للقانون الإداري في حالة استعمالها لامتيازات السلطة العامة، وحينما تسلم ترخيصات واجازات وعقود إدارية أخرى، وذلك كاستثناء على م45 التي جعلتها تخضع للقانون الخاص في علاقاتها مع الغير.

إن المؤسسات العمومية ذات الطابع التجاري والصناعي تخضع بموجب هذا القانون استثناءً للقانون الاداري، كلما تعلق الامر بعلاقاتها بالدولة[25]، او بينها وبين الافراد بسبب الاخلال بقواعد سير المرافق العامة، او بنشاطات وامتيازات السلطة التي تتمتع بها كالإجازات والتراخيص والعقود الادارية، اما منازعاتها المتعلقة بالغير وبالإنتاج والتوزيع فتخضع للقانون التجاري[26].

*كما نلاحظ على ت ص ع الحالي وخلافا للمرسوم الرئاسي 10-236 الملغى أنه استبعد شخصين معنويين كانا يتمتعان فيما مضى بحق ابرام الصفقات العمومية، وهما: المؤسسة العمومية الاقتصادية، التي استبعدها المرسوم الرئاسي 15-247 صراحة بموجب م9، والهيئات الوطنية المستقلة التي استبعدها ضمنيا من خلال عدم ذكرها بالمادة 6 التي حددت الاختصاص في ابرام الصفقات العمومية، رغم أن المرسوم الرئاسي السابق كان ينص عليها في صيغته الأولى قبل التعديل، مع الملاحظ أن المرسوم الرئاسي 10-236 قد استثنى عقود المؤسسات العمومية الاقتصادية من الخضوع لأحكام الصفقات العمومية بعد تعديل سنة 2013[27].

وأمام عدم وضوح الأسباب التي استدعت هذا التحول، يبدو أن استبعاد هذين الهيئتين ليس في محله، كون المؤسسة العمومية الاقتصادية هي مرفق عام يخضع للقانون التجاري فكان لا بد من أن يأخذ نفس الحكم الذي أخذته المرافق الأخرى المذكورة بالمادة 6، وذلك حماية للمال العام الذي تمول به صفقاتها؛ وكون أن الهيئات الوطنية المستقلة هي مرافق عامة إدارية[28]، وتخضع لقواعد المحاسبة العمومية، فكان لا بد كذلك من اخضاع صفقاتها لهذا المرسوم.

ومثلما حددت م828 ق ا م ا ممثلي الشخص المعنوي العام، فقد حدد ت ص ع وتفويضات المرفق العام ممثلي المصلحة المتعاقدة ضمن م4 منه، وهم كالآتي:

الدولة يمثلها الوزير، والولاية يمثلها الوالي، والبلدية يمثلها رئيس المجلس الشعبي البلدي، المؤسسات الأخرى يمثلها المدير أو المدير العام لها؛ ولقد شددت هذه المادة بخصوص قواعد الاختصاص فجعلتها آمرة وقررت عدم صحة الصفقة العمومية في حالة مخالفتها، وقللت نوعا من حدة الأمر حينما سمحت للهيئات المختصة بتفويض بعض المسؤولين بإبرام الصفقة، وهذا تماشيا مع الأعراف الإدارية التي اثبتت أن صاحب الاختصاص قد يمر بظروف يستحيل معها قيامه بكافة صلاحياته، فظهرت تقنية التفويض كاستثناء مشروع عن قواعد الاختصاص في القانون الإداري[29].

إلا أن إشكالية المعيار العضوي في مجال الصفقات العمومية أنه لم يحدد الاختصاص القضائي بالفصل في منازعات الصفقات العمومية بنص صريح واضح، بل سكت عن هذه المسألة واكتفى بالقول أن نزاعات الصفقات العمومية تسوى في إطار الاحكام التشريعية والتنظيمية المعمول بها[30]، وهو ما جعل التطبيقات القضائية بالجزائر متفاوتة من حيث تحديد الاختصاص القضائي بين القضاء العادي والقضاء الإداري؛ لا سيما وأن م800 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية اكتفت بتحديد الاختصاص النوعي للقضاء الإداري بالنص على الأشخاص المعنوية العامة التقليدية فقط، ولم تفصل في مسألة الأشخاص المعنوية العامة الخاضعة للقانون الذي يحكم النشاط التجاري.

كما أن م801 فقرة أخيرة من ذات القانون حينما جعلت من اختصاص القضاء الإداري منازعات أخرى غير متعلقة بالأشخاص المعنوية العامة التقليدية، باستعمال عبارة “القضايا المخولة لها بموجب نصوص خاصة”، لم تحل هذا الاشكال كون تنظيم الصفقات العمومية لا يحيل في أحكامه على جهات القضاء الإداري.

2: المعيار الشكلي

يقصد به اشتراط الكتابة في ابرام الصفقة العمومية، وهو شرط منطقي بالنظر لكون الصفقة العمومية تحمل حقوقا والتزامات لا مثيل لها في الأحكام العامة للعقود ككل، فوجب أن تكون مكتوبة لتحديد المركز القانوني لكل متعاقد، كما أن مبالغها الضخمة تستوجب أن تكون مكتوبة فلا يعقل أن تتحمل الخزينة العمومية أعباءً مالية ناتجة عن عقد شفهي. وقد أبقى المرسوم الرئاسي 15-247 على شرط الكتابة على غرار المرسوم الرئاسي 10-236، وأكد ضمن م3 أن الشروع في تنفيذ الصفقة لا يكون إلا بعد إبرام الصفقة.

إلا أن بعض الصفقات العمومية سمح ت ص ع وتفويضات المرفق العام استثناءً ولأسباب جدية معينة البدء في تنفيذها بترخيص من بعض الهيئات قبل ابرام الصفقة، وذلك حسب م12 من المرسوم الرئاسي 15-247. (كانت سابقا م7 من المرسوم الرئاسي 10-236).

3: المعيار الموضوعي

يقصد به محل أو موضوع الصفقة، ويتمثل في: إنجاز الأشغال، اقتناء اللوازم، تقديم الخدمات والدراسات.

كان موضوع الصفقة العمومية قبل المرسوم الرئاسي 02-250 ثلاثة مواضيع فقط، بحيث لم يدرج عقد انجاز الدراسات إلا في هذا المرسوم والمراسيم التي تلته.

*م23 من المرسوم الرئاسي 15-247 أضافت فقرة جديدة لتعريف صفقة الأشغال لم تكن موجودة في م13 من المرسوم الرئاسي 10-236.

*أضافت كذلك عبارة بيع بالإيجار لتعريف صفقة اللوازم.

*غيرت كذلك تعريف صفقة الدراسات.

*احتفظت بنفس تعريف صفقة الخدمات وهو تعريف بمفهوم المخالفة.

4: المعيار المالي

نظرا للمراحل والإجراءات المعقدة التي يمر بها إبرام وتنفيذ الصفقات العمومية، فلا يعقل أن تخضع كل عقود الإدارة لتنظيم الصفقات العمومية بشكلياته المعقدة، بل وضع المشرع الفرعي حدا ماليا للخضوع لهذا التنظيم.

فلا يتم إبرام الصفقة العمومية إلا إذا كان موضوع التعاقد يفوق مبالغ مالية محددة؛ وهي 12000000 د.ج (مليار و200 مليون سنتيم) بالنسبة لصفقات الاشغال واللوازم، و6000000 د.ج (600 مليون سنتيم) بالنسبة لصفقات الدراسات والخدمات. وهذا وفق م13 المرسوم الرئاسي 15-247. والملاحظ أن المرسوم الرئاسي 15-247 قد رفع من الحد المالي للصفقة العمومية بشكل كبير، مقارنة مع المرسوم الرئاسي 10-236 الذي كان يحدد المبلغ ب 8000000 د.ج بالنسبة لصفقات الاشغال واللوازم، و4000000 لصفقات الدراسات والخدمات، وذلك بموجب م6 منه.

رابعا: من حيث المبادئ التي تقوم عليها الصفقات العمومية

يخضع إبرام الصفقات العمومية إلى مجموعة من المبادئ العامة التي يفرضها تنظيم الصفقات العمومية، وقد جاء تكريس هذه المبادئ في المرسوم الرئاسي 15-247 بموجب أحكام المادة 5 منه، التي جاء فيها “لضمان نجاعة الطلبات العمومية والاستعمال الحسن للمال العام، يجب أن تراعى في الصفقات العمومية مبادئ حرية الوصول للطلبات العمومية والمساواة في معاملة المرشحين وشفافية الإجراءات ضمن احترام أحكام هذا المرسوم”. تقابلها م3 من المرسوم الرئاسي 10-236، وهي المبادئ التي نشرحها فيما يلي:

أولا: مبدأ حرية المنافسة

تعد المنافسة في مجال الصفقات العمومية من المبادئ الهامة التي حرص المشرع على تكريسها، فلا يوجد أي مانع لاشتراك أي منافس متى توافرت فيه الشروط القانونية، وفي إطار الشكلية الواجب إتباعها للدخول في المنافسة، مع ورود بعض الاستثناءات التي قد تحد من هذا المبدأ.

أ/ تعريف مبدأ حرية المنافسة

يقصد به فتح المجال للأشخاص الطبيعية والمعنوية الذين تتحقق فيهم الشروط المطلوبة التقدم بعروضهم أمام إحدى الهيئات المؤهلة قانونا لإبرام الصفقات العمومية وفق الشروط التي تضعها وتحددها مسبقا، بمعنى أن تقف المصلحة المتعاقدة موقفا حياديا إزاء المتنافسين وليست حرة في استخدام سلطتها التقديرية بتقرير الفئات التي تدعوها وتلك التي تستبعدها، وجاء المبدأ متماشيا مع حرية الصناعة والتجارة[31].

ويتجسد مبدأ حرية المنافسة من خلال آلية الإعلان، ويتم الإعلان عن طريق الإشهار الصحفي الذي ورد بصيغة الإلزام ضمن أحكام المادة 61 من المرسوم الرئاسي رقم 15-247 التي تنص ” يكون اللجوء إلى الإشهار الصحفي إلزاميا في الحالات التالية:

طلب العروض المفتوح.

المناقصة المحدودة.

طلب العروض المفتوح مع اشتراط قدرات دنيا.

طلب العروض المحدود.

المسابقة.

التراضي بعد الاستشارة عند الاقتضاء”.

فالإعلان على هذا النحو إجراء شكلي جوهري تلزم المصالح المتعاقدة بمراعاته في كل أشكال المناقصة المفتوحة أو المحدودة، الوطنية أو الدولية، وكذا الحال لو رغبت في التعاقد بإتباع أسلوب التراضي بعد الاستشارة.

ب/ الاستثناءات الواردة على مبدأ حرية المنافسة

قد يمنع القانون بعض الأشخاص من المشاركة في طلبات تقديم العروض للمناقصات العمومية، مما يجعل من ذلك استثناءً عن مبدأ حرية المنافسة المذكور أعلاه، وهي قيود يفرضها المشرع ويترتب على إعمالها منع المعنيين بها من المشاركة في الصفقات العمومية، ونذكر منها ما جاءت به المادة 62 من أمر رقم 96-31 التي تقضي بأن “كل شخص حكم عليه قضائيا بحكم نهائي حائز لقوة الشيء المقضي فيه بسبب تورطه في الغش الجبائي يمنع من المشاركة في الصفقات العمومية ولمدة عشر سنوات “.

كذلك منعت م75 من تنظيم الصفقات العمومية الحالي مجموعة من الأشخاص من المشاركة في الصفقات بسبب مخالفات ارتكبوها، ومن ذلك نذكر:

يقصى بشكل مؤقت أو نهائي من المشاركة في الصفقات العمومية، المتعاملون الاقتصاديون:

– الذين رفضوا استكمال عروضهم أو تنازلوا عن تنفيذ صفقة عمومية قبل نفاذ آجال صلاحية العروض.

– الذين هم في حالة الإفلاس أو التصفية أو التوقف عن النشاط أو التسوية القضائية أو الصلح.

– الذين كانوا محل حكم قضائي حاز قوة الشيء المقضي فيه بسبب مخالفة تمس بنزاهتهم المهنية.

– الذين لا يستوفون واجباتهم الجبائية وشبه الجبائية.

– الذين قاموا بتصريح كاذب.

– المسجلون في البطاقية الوطنية لمرتكبي الغش ومرتكبي المخالفات الخطيرة للتشريع والتنظيم في مجال الجباية والجمارك والتجارة.

– الذين كانوا محل إدانة بسبب مخالفة خطيرة لتشريع العمل والضمان الاجتماعي.

*والملاحظ أن هذه المادة احتفظت بكل الحالات التي كان ينص عليها المرسوم الرئاسي 10-236 في م52، إلا أنها أضافت حالة جديدة لم يكن منصوص عليها فيه وهي حالة المتعاملين الذي رفضوا استكمال عروضهم أو تنازلوا عن تنفيذ صفقة عمومية قبل نفاذ آجال صلاحية العروض.

ثانيا: مبدأ المساواة بين المتنافسين

إذا كان مبدأ المنافسة الحرة من المبادئ التي كرسها قانون الصفقات العمومية فهذا المبدأ لن يجد صداه ولن يتجسد قانونا وواقعيا، إلا إذا تم إقرانه بمبدأ المساواة بين المتنافسين، رغم أن هذا المبدأ هو الآخر يعرف بعض الاستثناءات التي تقيد من تنفيذه.

أ/ تعريف مبدا المساواة بين المتنافسين

يقضي هذا المبدأ بأن لكل من يملك حق المشاركة في الصفقات المعلن عنها، أن يتقدم على قدم المساواة مع باقي المتنافسين.

والنتيجة المترتبة عن هذا المبدأ أنه لا يجوز للمصلحة المتعاقدة أن تلجأ إلى وسائل للتمييز بين المتقدمين، كما لا يجوز لها أن تمنح امتيازات أو تضع عقبات عملية أمام المتنافسين سواء كانت وسائل التمييز هذه إجرائية أو واقعية.

ب/ الاستثناءات التي ترد على مبدا المساواة بين المتنافسين

نجد أن المشرع الجزائري خرج عن هذا المبدأ وأورد عليه استثناءً مفاده التمييز بين المتسابقين الوطنيين والمحليين، بحيث جعل الأفضلية في بعض الحالات للمشاركين الوطنيين، وذلك ما نلمسه من خلال م83 من ت ص ع، والتي تنص على ما يلي “يمنح هامش للأفضلية بنسبة خمسة وعشرين في المائة، للمنتجات ذات المنشأ الجزائري و/ أو للمؤسسات الخاضعة للقانون الجزائري، التي يحوز أغلبية رأسمالها جزائريون مقيمون، فيما يخص جميع أنواع الصفقات”. ويعتبر هذا الحكم مستحدثا في المرسوم الرئاسي 15-247 ولم يعرف في المرسوم الرئاسي 10-236. ولو أن هذا الأخير كان قد ألزم في م54 منه المصلحة المتعاقدة باللجوء إلى المناقصة الوطنية عندما يكون المنتج الوطني قادرا على الاستجابة لخدماتها، وبهذا تغنيه عن المنافسة الأجنبية.

*كما أن م87 من المرسوم الرئاسي 15-247 قد منحت الأفضلية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في حالات محددة، وهو كذلك نص مستحدث لم يعرف في المرسوم الرئاسي 10-236.

*كما أن م54 من المرسوم الرئاسي 15-247 حينما حددت معايير انتقاء المترشحين، والتي تقابلها م36 من ت ص ع السابق، نلاحظ أن المرسوم الحالي أضاف فقرة مستحدثة، مفادها ألا يتم وضع معايير انتقاء المترشحين على أساس تمييزي؛ وفي ذلك تكريس منه لمبادئ ابرام الصفقات العمومية وعلى رأسها مبدأ المساواة في تقديم العروض.

خامسا: من حيث طرق ابرام الصفقات العمومية

إبرام الصفقات العمومية مرحلة حاسمة في مسار حياتها، لذا يتم إبرامها وفق آليات معينة سواء تمت بإجراءات طويلة ومعقدة كما هو الحال في أسلوب طلب العروض، أو تمت وفق إجراءات بسيطة ومباشرة كما هو الحال في أسلوب التراضي. وقد تم تحديد طرق ابرام الصفقات العمومية وفق م39 وما يليها من ت ص ع الحالي، ونورد أهم أحكام هذه المواد من المرسوم الرئاسي 15-247 عبر الآتي:

م39: تبرم الصفقات العمومية وفقا لإجراء طلب العروض الذي يشكل القاعدة العامة، أو وفق إجراء التراضي.

فالأصل العام هو طلب العروض، الاستثناء هو التراضي.

أ/ طلب العروض

المادة 40: طلب العروض هو إجراء يستهدف الحصول على عروض من عدة متعهدين متنافسين مع تخصيص الصفقة دون مفاوضات للمتعهد الذي يقدم أحسن عرض من حيث المزايا الاقتصادية، استنادا إلى معايير اختيار موضوعية تعد قبل إطلاق الإجراء.

المادة 41: التراضي هو إجراء تخصيص صفقة لمتعامل متعاقد واحد دون الدعوة الشكلية إلى المنافسة، ويمكن أن يكتسي التراضي شكل التراضي البسيط أو شكل التراضي بعد الاستشارة، وتنظم هذه الاستشارة بكل الوسائل المكتوبة الملائمة.

إن إجراء التراضي البسيط قاعدة استثنائية لإبرام العقود لا يمكن اعتمادها إلا في الحالات الواردة في المادة 49 من هذا المرسوم.

المادة 42: “يمكن أن يكون طلب العروض وطنيا و/ أو دوليا، ويمكن ان يتم حسب أحد الأشكال الآتية:

– طلب العروض المفتوح.

– طلب العروض المفتوح مع اشتراط قدرات دنيا.

– طلب العروض المحدود.

– المسابقة”.

أ-1 طلب العروض المفتوح

المادة 43 من المرسوم الرئاسي 15-247: طلب العروض المفتوح هو إجراء يمكن من خلاله أي مترشح مؤهل أن يقدم تعهدا. كان سابقا المناقصة المفتوحة في ظل المرسوم الرئاسي 10-236.

أ-2 طلب العروض المفتوح مع اشتراط قدرات دنيا

المادة 44: طلب العروض المفتوح مع اشتراط قدرات دنيا هو إجراء يسمح فيه لكل المرشحين الذين تتوفر فيهم بعض الشروط الدنيا المؤهلة التي تحددها المصلحة المتعاقدة مسبقا قبل إطلاق الإجراء بتقديم تعهد، ولا يتم انتقاء قبلي للمرشحين من طرف المصلحة المتعاقدة.

كان سابقا المناقصة المحدودة في ظل المرسوم الرئاسي 10-236.

أ-3 طلب العروض المحدود

المادة 45: طلب العروض المحدود هو إجراء لاستشارة انتقائية، يكون المرشحون الذين تم انتقاؤهم الأولي من قبل مدعوين وحدهم لتقديم تعهد.

كان سابقا الاستشارة الانتقائية في ظل المرسوم الرئاسي 10-236.

مع العلم أن م30 من المرسوم الرئاسي 10-236 اكتفت بأن يكون للمترشحين شروط دنيا مؤهلة، أما حاليا فيتم انتقاء المترشحين مسبقا بعد تأهيل أولي على مرحلة أو مرحلتين.

أ-4 المسابقة (الأمر 67-90 كان يسميها المباراة.)

المادة 47: المسابقة هي إجراء يضع رجال الفن في منافسة لاختيار، بعد رأي لجنة التحكيم المذكورة في المادة 48 أدناه، مخطط أو مشروع مصمم استجابة لبرنامج أعده صاحب المشروع، قصد إنجاز عملية تشتمل على جوانب تقنية أو اقتصادية أو جمالية أو فنية خاصة، قبل منح الصفقة لأحد الفائزين بالمسابقة.

وتمنح الصفقة بعد المفاوضات للفائز بالمسابقة الذي قدم أحسن عرض من الناحية الاقتصادية.

تلجأ المصلحة المتعاقدة إلى إجراء المسابقة لا سيما في مجال تهيئة الإقليم والتعمير والهندسة المعمارية والهندسة، أو معالجة المعلومات.

ب/ التراضي: أسلوب التراضي نوعان: تراضي بسيط وتراضي بعد استشارة.

التراضي البسيط إحدى أشكال التراضي، يجعل المصلحة المتعاقدة تستبعد مبدأ التنافس لتقوم مباشرة باختيار المتعامل المتعاقد بعد أن تتفاوض معه.

المادة 49: تلجأ المصلحة المتعاقدة إلى التراضي البسيط في الحالات الآتية فقط:

عندما لا يمكن تنفيذ الخدمات إلا على يد متعامل اقتصادي وحيد يحتل وضعية احتكارية، أو لحماية حقوق حصرية أو لاعتبارات تقنية أو لاعتبارات ثقافية وفنية، وتوضح الخدمات المعنية بالاعتبارات الثقافية والفنية بموجب قرار مشترك بين الوزير المكلف بالثقافة والوزير المكلف بالمالية.
في حالة الاستعجال الملح المعلل بوجود خطر يهدد استثمارا أو ملكا للمصلحة المتعاقدة أو الأمن العمومي أو بخطر داهم يتعرض له ملك أو استثمار قد تجسد في الميدان، ولا يسعه التكيف مع آجال إجراءات إبرام الصفقات العمومية، بشرط انه لم يكن في وسع المصلحة المتعاقدة توقع الظروف المسببة لحالة الاستعجال، وألا تكون نتيجة مناورات للمماطلة من طرفها.
في حالة تموين مستعجل مخصص لضمان توفير حاجات السكان الأساسية بشرط أن الظروف التي استوجبت هذا الاستعجال لم تكن متوقعة من المصلحة المتعاقدة.
عندما يمنح نص تشريعي أو تنظيمي مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري حقا حصريا للقيام بمهمة الخدمة العمومية، أو عندما تنجز هذه المؤسسة كل نشاطها مع الهيئات والإدارات العمومية والمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري.
المادة 51: تلجا المصلحة المتعاقدة إلى التراضي بعد الاستشارة في الحالات الآتية:

عندما يعلن عدم جدوى طلب العروض للمرة الثانية.
في حالة صفقات الدراسات واللوازم والخدمات الخاصة التي لا تستلزم طبيعتها اللجوء إلى طلب عروض، وتحدد خصوصية هذه الصفقات بموضوعها.
في حالة صفقات الأشغال التابعة مباشرة للمؤسسات العمومية السيادية في الدولة.
إن اعتبار الحالة من حالات التراضي بعد الاستشارة كان مقصودا من المشرع لتعلقها بالعمليات المتميزة بالدقة والسرية إذ تخص الأمن والدفاع الوطني، فهذا النوع من الصفقات يكتنفه الطابع السري الذي يتنافى وعملية النشر المعروف في المناقصة.

في حالة الصفقات الممنوحة التي كانت محل فسخ، وكانت طبيعتها لا تتلاءم مع آجال طلب عروض جديد.
ومن أهم المستجدات التي حملها المرسوم الرئاسي 15-247 من حيث طرق ابرام الصفقات العمومية ما يلي:

*استبدال مصطلح المناقصة الذي كان في م25 من المرسوم الرئاسي 10-236 بمصطلح طلب العروض. مع العلم أن هذا المصطلح (طلب العروض) كان مستعملا في الأمر 67-90.

*إلغاء طريقة المزايدة.

سادسا: من حيث الرقابة على الصفقات العمومية

تعتبر الرقابة على الصفقات العمومية من أكثر الأحكام التي عرفت تغييرات جذرية مقارنة مع المرسوم الرئاسي الملغى 10–236، ومن أهم المستجدات في هذا المجال نذكر ما يلي:

1/ إلغاء حالة الفصل بين لجنة فتح الأظرفة ولجنة تقييم العروض، وإنشاء لجنة واحدة تجمع بين مهام هذين اللجنتين، هي لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض التي تتولى في إطار ممارسة الرقابة الداخلية القيام بعمل إداري وتقني تعرضه على المصلحة المتعاقدة التي تقوم بمنح الصفقة، أو الإعلان عن عدم جدوى الإجراء أو إلغائه، أو إلغاء المنح المؤقت للصفقة، بموجب رأي مبرر، وذلك وفق م160 من المرسوم الرئاسي 15-247، بعدما كان المرسوم الرئاسي 10-236 يفصل بين هذين اللجنتين ويعتبر العضوية في كلاهما حالة تعارض، وذلك بموجب مواده 121و125.

2/ م164 من المرسوم الرئاسي أضافت ضمن الهيئات الرقابية الوصائية سلطة ضبط الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام، في حين م127 من المرسوم الرئاسي 10-236 لم تكن تنص عليها، وهذا أمر طبيعي كون هذه اللجنة استحدثت بموجب المرسوم الرئاسي الحالي فقط.

3/ قام تنظيم الصفقات العمومية الحالي بإعادة هيكلة هيئات الرقابة الخارجية على الصفقات العمومية حيث ألغى نهائيا نظام اللجان الوطنية الذي كان قائما في المراسيم السابقة واستبدله بالجان القطاعية، مع الإبقاء على اللجان الجهوية والولائية والبلدية للصفقات العمومية فضلا عن اللجان التابعة للمصالح المتعاقدة.

سابعا: من حيث الاتصال وتبادل المعلومات بالطريقة الالكترونية

1/ م203 من المرسوم الرئاسي الحالي أدرجت وزير تكنولوجيا الاعلام والاتصال في تسيير البوابة الالكترونية للصفقات الى جانب وزير المالية، عكس م173 من المرسوم الرئاسي 10-236 التي جعلت التسيير من صلاحيات وزير المالية فقط.

لكن الفقرة 2 من م203 أغفلت دور وزير تكنولوجيا الاعلام والاتصال في تحديد محتوى هذه البوابة.

2/ م204 من المرسوم الرئاسي 15-247 جعلت وضع وثائق الدعوة الى المنافسة بالطريقة الالكترونية إجراءً آمرا، في حين م174 من المرسوم الرئاسي 174 جعلت هذا الاجراء في صياغة مكملة باستعمال عبارة “يمكن”.

ثامنا: من حيث سلطة ضبط الص الع وتفويضات الم الع

قام المرسوم الرئاسي 15-247 باستحداث سلطة ضبط ص ع ت م ع بموجب م213، وضم المرصد الاقتصادي الذي كان ضمن م175 من المرسوم الرئاسي 10-236 إلى هذه السلطة إلى جانب هيئة وطنية لتسوية المنازعات.

تاسعا: من حيث التكوين في مجال الصفقات العمومية

استحدت المرسوم الرئاسي 15-247 بموجب المدتين 211 و212 حكما لم يكن موجودا ضمن المرسوم الرئاسي 10-236، مفاده الزامية تكوين الموظفين المكلفين بتحضير وابرام وتنفيذ ومراقبة الصفقات العمومية تكوينا مؤهلا في مجال الصفقات العمومية. وهو حكم جيد غير أنه يعاب عليه أنه لم يحل إلى قرار وزير المالية من أجل تبيان كيفيات تطبيق هذا التكوين.

المطلب الثاني: جدول توضيحي يوضح أهم الفروق بين المرسومين الرئاسيين رقم 10-236 الملغى ورقم 15-247 ساري المفعول.

آثرنا اجراء هذه المقارنة مع المرسوم الرئاسي 10-236 دونًا عن بقية النصوص المنظمة للصفقات، وذلك نظرا لكونه أحدث النصوص القانونية المتعلقة بالصفقات العمومية بالجزائر قبل المرسوم الرئاسي الحالي، ونظرا كذلك لأنه من أكثر هذه النصوص تعديلا وتتميما مقارنة بغيره؛ فبتتبع مختلف هذه النصوص القانونية وما لحقها من تعديلات، نلحظ ما يلي:

*تم تعديل الأمر 67-90 مرتين فقط (02)، رغم أنه ظل ساري المفعول لمدة 15 سنة.

*تم تعديل 82-145 ثلاث مرات (03).

*تم تعديل المرسوم التنفيذي 91-434 مرتين (02).

*تم تعديل المرسوم الرئاسي 02-250 مرتين (02).

*أما المرسوم الرئاسي 10-236 فقد تم تعديله أربع مرات (04) رغم أنه دام لخمس سنوات فقط.

فمن خلال هذه المقاربات التاريخية يتضح أنه أكثر هذه النصوص القانونية تعديلا وتتميما، وذلك رغم أنه صدر وسرى مفعوله في فترة عرفت استقرارا سواء من الناحية القانونية، أم من ناحية النهج الاقتصادي الذي تتبعه الدولة.

المرسوم الرئاسي  رقم 10-236 الملغى المرسوم الرئاسي   رقم 15-247 ساري المفعول
يحتوي على 181 مادة.يتعلق فقط بتنظيم الصفقات العمومية فقط.احتفظ بنفس التعريف المتداول للصفقات العمومية في كل النصوص القانونية السابقة.أخضع عقود المؤسسات العمومية الاقتصادية لتنظيم الصفقات، بموجب م2.أخضع الهيئات الوطنية المستقلة لتنظيم الصفقات، بموجب م2.استعمل عبارة “الإدارات العمومية”.استعمل عبارة “الولاية والبلدية”.حدد المؤسسات العمومية غير الإدارية والتي تخضع لتنظيم الصفقات العمومية اذا ما كانت عملياتها ممولة كليا أو جزئيا وبصفة دائمة أو مؤقتة من طرف الدولة.الاقتصار بالنسبة لهذه المؤسسات على التمويل من طرف الدولة فقط. لم يستثني العقود المبرمة مع المحامين ومع بنك الجزائر وعقودا أخرى من الخضوع لأحكامه.م13 هي من قامت بتعريف الصفقات الأربع، واحتفظ المرسوم الرئاسي الحالي بنفس هذه التعريف وأضاف لها بعض المضامين حسبما هو محدد بالجدول المقابل.           م6 حددت المعيار المالي بإحدى المبلغين: 8ملايين د.ج أو 4ملايين د.ج.م52 حددت مجموعة من الحالات التي تؤدي للإقصاء من المشاركة في الصفقات العمومية.  م36 لم تكن تحتوي هذه العبارة. م25 المناقصةم121 و125 فصلت بين لجنتي فتح الأظرفة وتقييم العروض.م127 لم تنص على هذه الهيئة ضمن الهيئات الوصائية.اعتمد اللجنة الوطنية للصفقات كهيئة رقابة خارجية.م173 وزير المالية فقط.م174عبارة “يمكن” قاعدة مكملة.م175 المرصد الاقتصادي للطلب العمومي.عدم وجود التكوين في مجال الصفقات.يحتوي على 220 مادة.أضاف إلى تنظيم الصفقات العمومية، ولأول مرة بالجزائر تنظيم تفويضات المرفق العام.أضاف لهذا التعريف التأكيد على أن الصفقات العمومية تبرم بمقابل ومع متعاملين اقتصاديين.أعفى المؤسسات العمومية الاقتصادية من الخضوع لقانون الصفقات، بموجب م9 منه.أعفى الهيئات الوطنية المستقلة من الخضوع لتنظيم الصفقات، ضمنيا من خلال م6.استعمل عبارة “الدولة”.استعمل عبارة “الجماعات الإقليمية”.استعمل عبارة شاملة لكل هذه المؤسسات بالقول “المؤسسات العمومية التي تخضع للتشريع الذي يحكم النشاط التجاري” متفاديا بذلك كثرة التعديل والتتميم.توسيع معيار تمويل هذه المؤسسات ليشمل كلا من الدولة والجماعات الإقليمية، وذلك لتوسيع حماية المال العام.استثنى مجموعة عقود من الخضوع لأحكامه بموجب م7 منه.  م29 أضافت لتعريف صفقة الأشغال عبارة “هندسة مدنية” وهو مالم يكن موجود بالمرسوم الرئاسي 10-236.بالنسبة لصفقة اللوازم أضافت عبارة “البيع بالإيجار”. بالنسبة لصفقة الدراسات ألغت التفصيل الذي كان يحمله تعريفها بالمرسوم الرئاسي السابق، وضعت عبارة شاملة مفادها أن صفقة الدراسات تهدف لإنجاز خدمات فكرية، كما اضافت الصفقة العمومية للإشراف على التنفيذ.م13 رفعت هذا المبلغ إلى: 12مليون د.ج و6ملايين د.ج حسب الحالة.م75 أضافت حالة جديدة لم يكن منصوص عليها فيه وهي حالة المتعاملين الذي رفضوا استكمال عروضهم أو تنازلوا عن تنفيذ صفقة عمومية قبل نفاذ آجال صلاحية العروض.م83 تشجيع المنتج الوطنيم87 تشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.م54 أضافت عبارة “معيار تمييزي” ما من شأنه تعزيز مبدأ المساواة بين المتنافسين.م39 طلب العروضم160 جمعت بين مهمة فتح الأظرفة وتقييم العروض في لجنة واحدة.م164 أضافت سلطة ضبط الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام لهيئات الرقابة الوصائية.ألغى نهائيا للجنة الوطنية للصفقات وأبقى على باقي الهيئات الرقابية الخارجية.م203 وزير الاتصال أيضا.م204 قاعدة آمرة.م213 سلطة ضبط ص ع ت م ع.م212،211 ألزمت التكوين.

خاتمة

فضلا عن المقارنات التي سقناها في المحور الثاني، والتي تبرز مستجدات تنظيم الصفقات العمومية الحالي والتي تميزه ع

ن نظيره الملغى، نلخص أبرز ما استحدثه المرسوم الرئاسي رقم 15–247 من أحكام وما نأخذه عليه من ملاحظات فيما يلي:

* رفع العتبة المالية لإبرام الصفقات العمومية، تماشيا مع التطورات الاقتصادية وتحول قيمة العملة الجزائرية.

* إعادة النظر في أساليب اختيار المتعامل المتعاقد حيث تم التخلي عن نظام المناقصة نهائيا واستبداله بنظام طلب العروض، مع تغيير تسميات كل أنواع المناقصة التي كانت موجودة في المرسوم الرئاسي السابق ما عدا المسابقة.

* إدخال تعديلات جوهرية على نظم الرقابة على الصفقات العمومية، لا سيما الجمع بين مهمتي فتح الأظرفة وطلب العروض في لجنة واحدة، وإلغاء اللجنة الوطنية للصفقات واستبدالها باللجنة القطاعية للصفقات.

* تجب الإشارة إلى أن قانون الصفقات العمومية الجديد تضمن لأول مرة منذ الاستقلال تنظيم إجراءات تفويضات المرافق العامة التي تبرمها الأشخاص المعنوية العامة الخاضعة للقانون العام من أجل تفويض تسيير المرفق العام إلى مفوض له من القطاع الخاص بموجب اتفاقية تبرم وفق الإجراءات الخاصة بالصفقات العمومية وفق المرسوم التنفيذي 18-199 المؤرخ في 02/08/2018 يتعلق بتفويض المرفق العام.

* استحداث هيئة وطنية مستقلة تحت عنوان سلطة ضبط الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام على مستوى الوزير الأول تتولى مهام متعددة من أهمها إعداد تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام ومتابعة تنفيذه.

*م203 من المرسوم الرئاسي الحالي أدرجت وزير تكنولوجيا الاعلام والاتصال في تسيير البوابة الالكترونية للصفقات الى جانب وزير المالية، عكس م173 من المرسوم الرئاسي 10-236 التي جعلت التسيير من صلاحيات وزير المالية فقط.

استحدت المرسوم الرئاسي 15-247 بموجب المدتين 211 و212 حكما لم يكن موجودا ضمن المرسوم الرئاسي 10-236، مفاده الزامية تكوين الموظفين المكلفين بتحضير وابرام وتنفيذ ومراقبة الصفقات العمومية تكوينا مؤهلا في مجال الصفقات العمومية. وهو حكم جيد غير أنه يعاب عليه أنه لم يحل إلى قرار وزير المالية من أجل تبيان كيفيات تطبيق هذا التكوين.

*وأهم ما نلاحظه على تنظيم الصفقات العمومية الحالي 15-247 هو أنه لم يصل بعد إلى تعريف تشريعي جامع للصفقات العمومية، وأنه لم يحدد صراحة الاختصاص القضائي بالنظر في منازعات الصفقات العمومية.

* كما نلاحظ على تنظيم الصفقات العمومية الحالي وخلافا للمرسوم الرئاسي 10-236 الملغى أنه استبعد شخصين معنويين كانا يتمتعان فيما مضى بحق ابرام الصفقات العمومية، وهما:

المؤسسة العمومية الاقتصادية، التي استبعدها المرسوم الرئاسي 15-247 صراحة بموجب م9، والهيئات الوطنية المستقلة التي استبعدها ضمنيا من خلال عدم ذكرها بالمادة 6 التي حددت الاختصاص في ابرام الصفقات العمومية، رغم أن المرسوم الرئاسي السابق كان ينص عليها في صيغته الأولى قبل التعديل، مع الملاحظ أن المرسوم الرئاسي 10-236 قد استثنى عقود المؤسسات العمومية الاقتصادية من الخضوع لأحكام الصفقات العمومية بعد تعديل سنة 2013.

وأمام عدم وضوح الأسباب التي استدعت هذا التحول، يبدو أن استبعاد هذين الهيئتين ليس في محله، كون المؤسسة العمومية الاقتصادية هي مرفق عام يخضع للقانون التجاري فكان لا بد من أن يأخذ نفس الحكم الذي أخذته المرافق الأخرى المذكورة بالمادة 6، وذلك حماية للمال العام الذي تمول به صفقاتها؛ وكون أن الهيئات الوطنية المستقلة هي مرافق عامة إدارية. وتخضع لقواعد المحاسبة العمومية، فكان لا بد كذلك من اخضاع صفقاتها لهذا المرسوم.

*وإن ما يزيد من صعوبة فهم أحكام المرسوم الرئاسي 15-247 والتطبيق الحسن لقواعده، هو عدم إصدار أغلب القرارات التنظيمية الخاصة به لحد الآن، وعدم نشر قرارات مجلس الدولة الجزائري بشكل منتظم، مما يجعل موفق الاجتهاد القضائي من هذا المرسوم وتفسيره لأحكامه مجهولا من أغلبية رجال القانون.

قائمة المصادر والمراجع :

أولا: المؤلفات

تياب نادية، محاضرات في قانون الصفقات العمومية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة بجاية، الجزائر، 2014/2015.
زوزو زوليخة، جرائم الصفقات العمومية وآليات مكافحتها في ظل القانون المتعلق بالفساد، مذكرة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة ورقلة، 2011،2012.
رشيد خلوفي، قانون المنازعات الإدارية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2011.
عبود ميلود وتيقاوي العربي، الصفقات العمومية في ظل المرسوم الرئاسي 15-247، المفهوم المبادئ والأحكام التشريعية الخاصة بها، مجلة اقتصاديات المال والأعمال، ع.6، جوان 2018، ص.226.
عدنان عمرو، مبادئ القانون الإداري، منشأة المعارف للنشر والتوزيع، الإسكندرية، 2004.
عوابدي عمار، النظرية العامة للمنازعات الإدارية في النظام القضائي الجزائري، ج1، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، طبعة 2، 2013.
كريمة علة، جرائم الفساد في مجال الصفقات العمومية، رسالة دكتوراه في الحقوق، كلية الحقوق، جامعة الجزائر 1، 2012-2013.
مسعود شيهوب، المبادئ العامة للمنازعات الإدارية، ج.2 نظرية الاختصاص، ديوان المطبوعات الجامعية، ط.6، 2013.
ثانيا: النصوص القانونية

الأمر 67-90 المؤرخ في 17 جوان 1967، يتضمن قانون الصفقات العمومية، المعدل والمتمم، الجريدة الرسمية عدد 52 لسنة 67.
المرسوم 82-145 المؤرخ في 10 أفريل 1982، ينظم الصفقات التي يبرمها المتعامل العمومي، المعدل والمتمم، الجريدة الرسمية عدد 15 لسنة 82، بتاريخ 23/04/1982.
القانون 88-01، المؤرخ في 12/01/1988، يتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية الاقتصادية، ج.ر ع2، مؤرخة في 13/01/1988.
المرسوم التنفيذي 91-434 المؤرخ في 09/11/1991، يتضمن تنظيم الصفقات العمومية، المعدل والمتمم، الجريدة الرسمية عدد 57 لسنة 91.
المرسوم الرئاسي 02-250 المؤرخ في 24/07/2002، يتضمن تنظيم الصفقات العمومية، المعدل والمتمم، الجريدة الرسمية عدد 52 لسنة 2002.
المرسوم الرئاسي 10-236 المؤرخ في 07/10/2010، يتضمن تنظيم الصفقات العمومية، المعدل والمتمم، الجريدة الرسمية عدد 58 لسنة 2010، ثم صدر بشأنه استدراك في الجريدة الرسمية عدد 75 بتاريخ 08/12/2010.
المرسوم الرئاسي 15-247 المؤرخ في 16/09/2015، يتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام، الجريدة الرسمية عدد 50 لسنة 2015، مؤرخة بتاريخ 20/09/2015.

[1] – الجريدة الرسمية عدد 52 لسنة 67.

[2] – بموجب الأمر رقم 70-57 المؤرخ في 06/08/1960، ج.ر عدد 70 السنة السابعة. والأمر رقم 71-84 المؤرخ في 29/12/1971 ج.ر عدد 107 السنة الثامنة.

[3] – الجريدة الرسمية عدد 15 لسنة 82، بتاريخ 23/04/1982.

[4] – بموجب المرسوم 84-51 المؤرخ في 25/12/1984، ج.ر عدد 9 السنة الواحدة والعشرون؛ والمرسوم 86-126 المؤرخ في 13/05/1986، ج.ر عدد 20 السنة الثالثة والعشرون؛ والمرسوم التنفيذي 91-320 المؤرخ في 14/09/1991، ج.ر عدد 44 السنة الثامنة والعشرون.

[5] – الجريدة الرسمية عدد 57 لسنة 91.

[6] – بموجب المرسوم التنفيذي 94-178 المؤرخ في 26/06/1994، ج.ر عدد 42؛ والمرسوم التنفيذي 96-54، المؤرخ في 22/01/1996، ج.ر عدد 06.

[7] – الجريدة الرسمية عدد 52 لسنة 2002.

[8] – بموجب المرسوم الرئاسي 03-301 المؤرخ في 11/09/2003، ج.ر عدد 55؛ والمرسوم الرئاسي 08-338 المؤرخ في 26/10/2008، ج.ر عدد 62.

[9] – الجريدة الرسمية عدد 58 لسنة 2010، ثم صدر بشأنه استدراك في الجريدة الرسمية عدد 75 بتاريخ 08/12/2010.

[10] – بموجب المرسوم الرئاسي 11-98 المؤرخ في 01/03/2011، ج.ر عدد 14، والمرسوم الرئاسي 11-222 المؤرخ في 16/06/2011، ج.ر عدد 34؛ والمرسوم الرئاسي 12-2 المؤرخ في 18/01/2012، ج.ر عدد 04؛ والمرسوم الرئاسي 13-03 المؤرخ في 13/01/2013، ج.ر عدد 02.

[11] – الجريدة الرسمية عدد 50 لسنة 2015، مؤرخة بتاريخ 20/09/2015.

[12] – منذ سنة 1962 والجزائر تعرف القضاء الإداري؛ حيث كان يَنشُط في إطار ما يسمى بالنظام القضائي المختلط (الأحادي شكلا والازدواجية مضمونا) ثم تكرَّس وجوده مع الأخذ بالازدواجية القضائية سنة 1996؛ مِن خلال استحداث المادة 152 مِن الدستور التي أنشأت مجلس الدولة كهيئة مُقوِّمة لأعمال الجهات القضائية الإدارية، مُكلَّفة بتوحيد الاجتهاد القضائي الإداري ( التعديل الدستوري لسنة 1996 الصادر بموجب المرسوم الرئاسي 96-438 المؤرخ في 07/12/1996 المتعلق بإصدار نص تعديل الدستور، ج.ر 76، 08/12/1996، ص.6.)؛ للمزيد حول تطور نظام القضاء الإداري في الجزائر؛ أنظر: رشيد خلوفي، قانون المنازعات الإدارية، د.م.ج، الجزائر، 2011، ص.45؛ عوابدي عمار، النظرية العامة للمنازعات الإدارية في النظام القضائي الجزائري، ج1، د.م.ج، ط2،2003، ص.147.

[13] – ج.ر عدد 3 لسنة 1999.

[14] – الصادر بموجب المرسوم الرئاسي 96-438 المؤرخ في07/12/1996 المتعلق بإصدار نص تعديل الدستور، ج.ر 76، الصادرة في 08/12/1996، ص.6.

[15] – ج.ر 37، الصادرة ي 01/06/1998؛ المُعدَّل بموجب القانون العضوي 11-13 المؤرخ في 26/07/2011، ج.ر عدد 43، المؤرخة في 3/08/2011.

[16] – ج.ر عدد 37، المؤرخة في 01/06/1998.

[17] – ج.ر عدد 47 لسنة 2001.

[18] – ج.ر عدد 21، الصادرة بتاريخ 23/04/2008.

[19]- قرار بتاريخ 17/12/2002، ملف بين رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية ليوة بسكرة، ضد ق.أ، رقم 6215، أشار إليه: عبود ميلود وتيقاوي العربي، الصفقات العمومية في ظل المرسوم الرئاسي 15-247، المفهوم المبادئ والأحكام التشريعية الخاصة بها، مجلة اقتصاديات المال والأعمال، ع.6، جوان 2018، ص.226.

[20]- الصفقة العمومية هي نوع من انواع العقود الادارية، وهذا أمر واضح لا اشكال فيه، ولكن الصفقة العمومية هي في نفس الوقت طريقة أو قالب أوجبه المشرع لبعض العقود الادارية نظرا لموضوعها أو للغلاف المالي الكبير المخصص لها، ومن تم فإن الصفقة تتميز عن العقد الاداري من عدة زوايا، لعل أبرزها:

1* الإدارة المتعاقدة في العقد الاداري محددة بالمرافق العامة التقليدية (الادارية) في حين تتحدد في الصفقة بهذه المرافق ومرافق أخرى مستحدثة (المرافق العامة التجارية والصناعية)، كما سيأتي تفصيله.

2* العقد الاداري يقوم بمجرد توافر عناصره بغض النظر عن مبلغ التعاقد، أما الصفقة العمومية فلا تكون إلا إذا كان موضوع التعاقد يصل لمبالغ مالية محددة قانونا؛ وهي 12000000 د.ج (مليار و200 كليون سنتيم) بالنسبة لصفقات الاشغال والتوريدات، و6000000 د.ج (600 كليون سنتيم) بالنسبة لصفقات الدراسات والخدمات. أنظر م13 المرسوم الرئاسي 15-247.

3* الصفقة العمومية لها اجراءات وطرق ابرام محددة بدقة لا سيما من خلال الشكليات المعتمدة، أما العقد الاداري فلا يشترط فيه شكل معين، بل أقر القضاء الفرنسي حتى بوجود العقد الإداري الشفهي، وذلك في قرار مجلس الدولة الشهير C.E، 20/04/1956، les époux Bertin، voir: Jean-Claude Ricci، Op CIT، p.74.

وهذا مع التحفظ عن بعض الصفقات العمومية التي سمح ت ص ع وتفويضات المرفق العام لأسباب جدية معينة البدء في تنفيذها بترخيص من بعض الهيئات قبل ابرام الصفقة، وذلك حسب م12 من المرسوم الرئاسي 15-247.

4* في فرنسا يظهر هذا الفرق، كون العقد الاداري هو من اختصاص القضاء الاداري، في حين الصفقة العمومية هي من اختصاص القضاء العادي، على عكس الجزائر أين ينعقد اختصاص القاضي الاداري بالنسبة لكلاهما.

5* العقد الإداري قد يبرم بين إدارتين عموميتين، في حين منع ت ص ع وتفويضات المرفق ابرام صفقة عمومية بين ادارتين عموميتين، أنظر م7 منه.

[21]- للمزيد من التفاصيل حول جرائم الصفقات العمومية، أنظر:

*كريمة علة، جرائم الفساد في مجال الصفقات العمومية، رسالة دكتوراه في الحقوق، كلية الحقوق، جامعة الجزائر 1، 2012-2013.

*زوزو زوليخة، جرائم الصفقات العمومية وآليات مكافحتها في ظل القانون المتعلق بالفساد، مذكرة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة ورقلة، 2011،2012.

[22] – كانت م2 من المرسوم الرئاسي 10-236 الملغى، تعدد هذه المؤسسات كالآتي:

“مراكز البحث والتنمية والمؤسسات العمومية الخصوصية ذات الطابع العلمي والتكنولوجي والمؤسسات العمومية ذات الطابع العلمي والثقافي والمهني والمؤسسات العمومية ذات الطابع العلمي والتقني والمؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري والمؤسسات العمومية الاقتصادية، عندما تكلف بإنجاز عملية ممولة كليا أو جزئيا وبمساهمة مؤقتة أو نهائية من الدولة”.

[23]- لمزيد من التفاصيل حول هذا النوع من المرافق العامة، أنظر:

عدنان عمرو، مبادئ القانون الإداري، منشأة المعارف للنشر والتوزيع، الإسكندرية، 2004، ص.133.

مسعود شيهوب، المبادئ العامة للمنازعات الإدارية، ج.2 نظرية الاختصاص، د م ج، ط.6، 2013، ص.24،23،22.

[24]- ينظر: القانون 88-01، المؤرخ في 12/01/1988، يتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية الاقتصادية، ج.ر ع2، مؤرخة في 13/01/1988.

[25]- حسب م45 من القانون 88-01، ولو ان هذا ليس استثناء فعلي وهو مجرد تحصيل حاصل لان وجود الدولة طرف هو ما جعل النزاع اداريا، وليس مناط الاختصاص هنا هو وجود م ع ت ص بل هو م800 من ق ا م ا.

[26]- مسعود شيهوب، المرجع السابق، ص.30.

[27]- ينظر: المرسوم الرئاسي 13-03، المادة 2.

[28]- يقصد بالهيئات الوطنية المستقلة السطات غير التنفيذية كالبرلمان بغرفتيه، والمجلس الدستوري، والمحكمة العليا ومجلس الدولة، ومجلس المحاسبة، والهيئات الاستشارية الوطنية كالمجلس الاقتصادي والاجتماعي؛ عمار بوضياف، المرجع السابق، ص.48.

[29]- رغم تحديد هذه المادة لقواعد الاختصاص في ابرام الصفقات العمومية بشكل واضح وشامل، إلا أنها يعاب عليها أنها لا زالت تنص على ممثل أحد الهيئات، وهو “مسؤول الهيئة العمومية”، ولكن لم يعد لهذه العبارة لزوم في م4 من المرسوم الرئاسي 15-247 لأن م6 منه ألغت أحد الأشخاص الذين كانوا يتمتعون بصلاحية ابرام الصفقة، ألا وهو “الهيئات الوطنية المستقلة”، وبالتالي يبدو أن المشرع الفرعي أغفل نزع ممثل هذه الهيئة من م4؛ وترك صياغتها مثلما كانت عليه في م8 من المرسوم الرئاسي 10-236 الملغى، ونلاحظ أن صياغة هذه المادة كانت أوضح مما هي عليه الآن، كونها حددت بالضبط كل مسؤول والهيئة التي يمثلها، عكس المادة الحالية التي جاءت سطحية، وذكرت فقط الممثلين القانونيين دون ذكر المؤسسة التي يمثلونها.

[30]- م153 من المرسوم الرئاسي 15-247.

[31]- تياب نادية، محاضرات في قانون الصفقات العمومية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة بجاية، 2014/2015، ص.7.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

مقال حول: بحث قانوني حول تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام في القانون الجزائري


اكتشاف المزيد من استشارات اون لاين

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button

اكتشاف المزيد من استشارات اون لاين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading